هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب
:˚ஐ˚◦{ <السلام عليكم , عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة منتَدَاكمً يُرَحبُ بكـُمً .. إنً كنتَ تَرغَب في الإنظمَامً إلى أسًرَة المنتَدَى سَنتَشَرَفُ بتَسًجيلَكَ ..تحيَآت إدَارَة منتَدَى اعدادية زاوية البئر:) ♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ آخر عُضو مُسجل هو حسناء فمرحباً به.
♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ <ستجدون هنا دروس الاجتماعيات و بعض المواد الاخرى ) ♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ يمكن للزائر الكريم تسجيل مساهمته في المنتدى ♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ يهنئء السيد مدير المؤسسة تلاميد المؤسسة باحياء هدا المنتدى من جديد ♥}◦˚ஐ˚
مشآرڪآتي : 334نقاط : 5817 التقييم : 10 تاريخ التسجيل: : 31/03/2011 العمر : 32 مَدينتے : المغرب الكبير المزاج : متسامح
موضوع: تامكروت الناصرية إحدى أهم الزوايا بالمغرب السبت 15 يونيو 2013 - 21:41
تعتبر تامكروت – وهي كلمة أمازيغية – إحدى جماعات مقاطعة فزواطة التي تعتبر أحدى المقاطعات الست التي يتكون منها درعة الأوسط (مزكيطة، تنزولين، ترناتة، فزواطة، الكتاوة، المحاميد الغزلان).وقد ارتبطت في تاريخها بزاويتها المعروفة بـ “الزاوية الناصري”. في هذا الفصل سنعمل على الإحاطة بهذه القرية من ثلاثة جوانب: جغرافيا، سوسيو ثقافيا، واقتصاديا؛ حتى يتسنى لنا فهم إشكالية تأسيس الزاوية بها في الإطار العام، ذلك أن الحديث عن هذا الموضوع بمعزل عن الجوانب المذكورة من شأنه أن يخلق نوعا من الضبابية
النافذة الأولى: الإطار الجغرافي العام: تقع تمكروت في الجنوب الشرقي لمدينة زاكرورة على بعد 18 كلم، على ضفة وادي درعة، ويحدها من الشرق “تاغبالت” وغربا “جبل زاكورة (تازاكورت) وهو امتداد لسلسلة جبال “باني”، وشمالا ” زاكورة وبنو زولي”، وجنوبا ” بني علي”. وتتكون تضاريسها من سهول وهضاب وتوجد على ارتفاع 800 متر فوق سطح البحر، وأعلى قممها الجبلية “جبل زاكورة” بحولي 1030متر. تنتمي المنطقة إلى المجال الصحراوي القاري حيث قلة الأمطار وعدم انتظامها مع ارتفاع الحرارة صيفا والبرودة الشديدة شتاء. إما فلاحيا وكباقي المناطق الجنوبية الشرقية للمغرب تعتمد تامكروت على فلاحة سقوية معاشية ضعيفة لا تسد الحاجيات الضرورية للسكان، ومن أهم متوجاتها الفلاحية نجد التمور والقمح والشعير والذرة وبعض الخضروات إضافة إلى المزروعات العلفية خاصة “الفصة” كما نجد تربية الماشية التقليدية. أما الموارد المائية فهناك نوعان رئيسيين: - الفرشة الباطنية حيت تتميز المنطقة بقرب الفرشات المائية إلى سطح الأرض بحيث لا تتعدى بضع أمتار؛ مما يسهل عملية استغلالها من طرف الأهالي، وتختلف جودة مياه هذه الفرشات من منطقة إلى أخرى. - وادي درعة : يعتبر وادي درعة أطول نهر في المغرب، ويوجد منبعه بسد المنصور الذهبي بوارزازات ومصبه في المحيط الأطلسي، ويتوفر على روافد كثيرة تساهم في الرفع من صبيبه خاصة في فترات “الصبا” حيث يفيض الوادي، في مقابل ذلك يعاني وادي درعة من مشكل الموسمية خاصة في فترات الجفاف. يعد وادي درعة محددا رئيسيا في نوعية وكمية المزروعات الفلاحية بالمنطقة، إذ يعد الركيزة الأساسية في زراعات الحبوب بينما الفرشات الباطنية تستعمل في المناطق السقوية الضيقة( سقي الخضروات). النافذة الثانية: المحيط الاجتماعي والثقافي: يتميز المجتمع التمكروتي إذا ما قارناه بمجتمعات درعة أخرى بكونه مجتمعا غنيا بتشكلاته الاجتماعية المتعددة. فبالإضافة إلى الأنصاريين المنحدرين من الحاج إبراهيم الشرقي المذكور ، وحفيده عمرو بن احمد الأنصاري والذين يشكلون العناصر الأصلية لتامكروت باعتبارهم أو من حط الرحال بها، نجد عناصر أخرى تتعايش مع البنية الاجتماعية كالناصريين أبناء “محمد بناصر” ، والفاسيين الذين استقدمهم الشيخ محمد بناصر-فيما قيل- لمهمات العلم، والعبيد (خدام الزاوية). إلا أن ألفة التي تشكل السواد الأعظم في مجتمع تامكروت هي المعروفة باسم ” دراوة” أي “الحرّاتين” بتشديد الراء نسبة إلى حرث الأرض. وأهم ما يميز المنطقة على المستوى السوسيوثقافي، طابعها التقليدي الأصيل في ظل إصرار الساكنة على الحفاظ على تراثهم، من خلال تشبثهم بالعادات والتقاليد والموروث الثقافي- خاصة الثرات الشفوي-؛ سواء في الأعراس أو المناسبات الدينية… أما لغة التواصل فهناك اللجة الامازيغية (الشلحة) إلى جانب الدارجة العربية، وذلك لتواجد ساكنة ذات أصول مشرقية( الأنصاريين ) وساكنة ذات أ صول أمازيغية (أيت عطا بمختلف فخذاتهم [أيت يسفول، ايت خباش‘ إيلمشان...])، إن المثير في هذه الوضعية، صعوبة الحديث عن أمازيغية خالصة أو عربية خالصة لتواجد مفردات أمازيغية محشوة في ثنايا الدارجة العربية والعكس صحيح، مما يزكي تداخل التشكيلات الثقافية بالمنطقة واندماجها الإيجابي؛ فداخل الأسرة الواحدة نصادف بعض أفرادها يتحدث بلسان عربي( محشو بمفردات أمازيغية) والبعض الآخر يتحدث بلسان امازيغي ( محشو بمفردات عربية)، والى جانب كل ذلك نصادف بعض المفردات الفرنسية محشوة بين اللغة المتداولة. إجمالا يصعب الحديث عن لغة مميزة للمنطقة، ومع ذلك لاتوجد صعوبات في التواصل، كما لا يمكن الحديث عن صراعات أثنية. من الناحية العلمية تزخر منطقة درعة عموما بوفرة المراكز الثقافية، غير أن تامكروت تحضى بالقسط الوافر، فقد عاش فيها خلال القرن العاشر هجري علماء كثيرون داع صيتهم وتردد صدى دروسهم ، منهم أبو القاسم الدرعي الملقب بالشيخ: كان بارعا في العلوم الدينية واللغوية وعلم الحساب ومن تلامذته أحمد البوسعيدي المعروف بأكوجبل ، كما حط بها الرحال علماء آخرون لتدريس العلم، كمحمد بن علي الدرعي الذي درس بالمغرب والجزائر، وخلف والدان أحدهم يسمى علي وهو لغوي وأديب وكان فقيها نابها كأبه، وجهه السلطان أبو العباس المنصور سفيرا إلى الترك مع الفقيه أبي عبد الله محمد علي القشتالي وألف في ذلك رحلته المسماة “النفحة المسكية في السفارة التركية” توفي عام 1003هـ بمراكش ودفن بروضة القاضي عياض، والآخر يسمى محمد المبعوث سفيرا إلى القسطنطينية من طرف عبد الله الغالب عام ثمانين وتسعمائة. وقد اعتبر محمد حجي ” تامكروت” من المؤسسات الثقافية المهمة في العصر السعدي الأول، كما اعتبرها من المراكز الثقافية النفيسة في العصر السعدي الثاني ( انظر الخريطة ) بقوله “عرفنا تامكروت في العصر السعدي الأول تنجب علماء يصل بعضهم إلى رتبة السفارة ( يقصد محمد وعلي المذكورين) وتطور أمر هذه القرية في العصر الثاني بقدوم الشيخ محمد بناصر” . تشتهر تمكروت بمعهدها الأصيل وخزانتها المتميزة، التي أنشأها وكونها شراء وتأليفا، الشيوخ الناصريين الذين تعاقبوا على الزاوية منذ القرن العاشر الهجري. وللإشارة فإن هذه الخزانة تعد من الخزانات العتيقة بالمغرب ومن بين الخزانات المعروفة عالميا. والآن تساهم هذه الخزانة في السياحة الثقافية بالمنطقة. عرفت هذه الخزانة في فترة ازدهارها تواجد مجموعة ضخمة من المؤلفات المتنوعة، في مقدمتها: تفسير القرآن الكريم. فقد كانت تستوعب ما يزيد على أربعين موضوعا ومجموعة كبرى من التشريع والشرائع الإسلامية وفي المواد العربية والأدبية والتاريخ والجغرافية والفلك والطب والرياضيات والمنطق. والحق أننا لا يمكن أن نتصور أهمية الدور الذي أدته الخزانة الناصرية في الحفاظ على الثقافة الإسلامية- خاصة في الجنوب المغربي والمغرب عموما- بمعزل عن شيوخ الزاوية التمكروتية وذلك بفضل غزارة علمهم وحرصهم على إغناء محتوى هذه الخزانة حتى أن احمد بن خالد الناصري نقل عن نشر المثاني ذكر انه ” لولا ثلاثة لانقطع العلم بالمغرب في القرن الحادي عشر لكثرة الفتن التي ظهرت فيه وهم : محمد بناصر بدرعة، ومحمد بن أبي بكر الدلائي، وعبد القادر الفاسي بفاس” ورغم أن الخزانة عرفت فترات ضياع الكتب والمخطوطات بسبب الفتن القائمة بين أفراد الأسرة الناصرية، إضافة إلى نقل مئات المخطوطات إلى الرباط أواخر القرن الماضي، إلا أنها لا زالت تحتوي ببعض المخطوطات التي يعود تاريخ أقدمها إلى القرن الخامس الهجري ، وأغلبها مخطوط على جلد الغزل ومرشوم بالذهب الخالص وملون بالزعفران. النافذة الثالثة: لإطار الاقتصادي من القديم وسكان المنطقة يزاولون أنشطة اقتصادية متنوعة، في مقدمتها النشاط الفلاحي؛ إذ يشتغل في هذا القطاع حوالي 90٪ من مجموع ساكنة المنطقة. يتميز المنطقة بفلاحة مغلالة، حيث أن الإنتاج الفلاحي لا يكفي لتلبية الحاجيات الضرورية، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل أهما : * طبيعة المناخ السائد الذي يساهم في ضعف التساقطات إضافة إلى تواجد المنطقة بمجال صحراوي مفتوح على التيارات الهوائية الصحراوية (الشركي). * ضيق المساحات الفلاحية: تتواجد بالمنطقة استغلاليات ضيقة (فدادين) التي تزداد ضيقا بعد وفاة المالك الرئيسي وانتقالها إلى الورثة الذين يعملون على تقسيمها. * الاعتماد على الوسائل التقليدية والبدائية أحيانا. هذه الوضعية دفعت بالعديد من السكان إلى ممارسة أنشطة تكميلية كالتجارة، والصناعة التقليدية ( الخزف، الحدادة، النجارة، الدباغة…) أو الهجرة نحو مناطق الجدب – داخليا وخارجيا- حيث تعاني المنطقة من هجرة شبه جماعية للطاقة الشابة نحو مدن الدار البيضاء ومراكش وأكادير…إضافة إلى إسبانيا. إلى جانب النشاط الفلاحي تستفيد منطقة تامكروت من تواجد السوق الأسبوعي الذي ينظم كل يوم سبت، الذي أسسه – حسب نقيب الزاوية- سيدي احمد بناصر واختار له هذا اليوم حتى لا يتمكن اليهود النتشرون بضواحي المنطقة من حضوره، وقد أتى عليه أكثر من ثلاثة قرون حتى الآن. النافذة الرابعة:الاطاررالتاريخي: يعود تأسيس زاوية تامكروت إلى سنة 983هـ من طرف “أبو حفص عمر و الأنصاري بن احمد الأنصاري” حفيد ” الحاج إبراهيم ” القادم من الشرق (الجزيرة العربية” ونزيل زاوية “سيدي الناس” التي تقع على مقربة من تمكروت. في إطار الصحوة التي عرفتها الزوايا بالمغرب، وقد اكتسبت تامكروت على مستوى تاريخ درعة خاصة والمغرب عامة، أهمية كبرى، فعلى مستوى درعة تجسد المدينة الدرعية في كافة الميادين، و يمتد تأثيرها على كل الزوايا التي عرفها المغرب الشرقي والجنوبي، ولا زالت بعض فروعها في العديد من مناطق المغرب إلى اليوم( في سوس مثلا) و لولها لظل تاريخ “الدرعيين” محصورا في النشأة الأولى للدولة السعدية. لعبت تامكروت دورا رئيسيا في التعاون الثقافي والديني بين شمال إفريقيا والمشرق العربي بفضل الرحلات العلمية والدينية والثقافية التي قام بها شيوخها وعلماؤها. النافذة الخامسة: مرحلة التأسيس والتكوين: تأسست الزاوية الناصرية بتامكروت في عصر ازدهار الحركة الصوفية بالمغرب، وقد تأست في زمن متقارب مع بعض الزوايا الكبرى كالزاوية الدلائية، وكلها تأسست في أواخر القرن العاشر الهجري. وعلى غرار باقي الزوايا بدأت الزاوية الناصرية في بيت صغير ومسجد مناسب ثم أخذت في التوسع إلى أن صارت قرية كبيرة، أو حواضر في مقدمة حواضر درعة الأوسط. كان الغرض من تأسيس هذه الزاوية، كما ذلك مجموعة من المؤرخين أمثال : محمد حجي وجورج دراك George Drague هو هداية الناس وتهذيب أخلاقهم بنشر تعاليم الطريقة الشادلية، ثم تطور نشاطها فأصبحت مركزا علميا ودينيا هاما تشد إليه الرحال. وكلن أول مؤسسيها ” أبو حفص عمرو الأنصاري سنة 933هـ، واستقر بها حفيده القطب الصوفي أحمد بن ابر اهيم الأنصاري مع شيخه عبد الله بن حساين الذي كان يلقن في الزاوية الأوراد الشادلية. بعد وفاة عبد الله بن حساين سنة 1045هـ/1635م تصدر أحمد بن إبراهيم مشيخة الزاوية غير انه لم يلبث أن توفي قتيلا بيد أحد منافسيه من زعماء درعة سنة 1052هـ/1642م، وبعدها انتقل أمر الزاوية إلى سيدي احمد بناصر. النافذة السادسة: مفهوم الطريقة الناصرية: يرتبط مفهوم الطريقة الناصرية كغيره من الطرق الصوفية الأخرى بسند الشادلية وسميت بـ”الناصرية” نسبة إلى احمد بناصر أحد أبرز شيوخها، فقد ارتبطت باسمه لكانته وعلو شأنه والدرجة التي حضي بها في نفوس معاصريه من سكان درعة خاصة والمغرب الكبير وبعض بلدان المشرق عامة. وتعتبر الناصرية إحدى الطرق المنحدرة من الشادلية كما تعتبر من بين الطرق الصوفية المغربية التي اتصلت بالشادلية عن غير الجزولية وإنما انحدرت من أتباع ” أحمد بن يوسف الملياني” عن شيخه ” أبي العباس زروق” ، ويتضح ذلك من خلال شجرة الطرق الصوفية.بل إن الشيخ بناصر يؤكد ذلك بقوله ” لقد أخذنا طريق التصوف عن شيخنا سيدي عبد الله بن احساين الرقي عن شيخه أبي العباس احمد بن علي الحاجي عن شيخه أبي القاسم الغازي الدرعي عن شيخه احمد بن يوسف الملياني الراشدي عن شيخه أبي العباس احمد زروق عن شيخه أبي العباس احمد بن عقبة الحضرمي عن شيخه أبي الحسن عن القرافي عن شيخه أبي العباس احمد المرسي عن شيخه أبي الحسن علي الشاذلي…” . وفيما يلي سند محمد بن ناصر في الطريقة الشاذلية : ” أبو الحسن علي بن عبد الله بن جابر الشاذلي، أحمد بن عمر أبو العباس المرسي، أبو عطاء الله الاسكندي، داوود الباجي، احمد بن وفى، علي بن وفى العصي، يحيى الشريف القادري، أبو الحسن القرافي، احمد بن اكبار الحضرمي، احمد بن عيسى زروق الفاسي البرنوسي، احمد بن يوسف الملياني الراشدي، علي بن عبد الله جابر السجلماسي، أبو الحسن بن القاسم الغازي السجلماسي الدرعي، احمد بن علي الحاجي الدرعي (جابر المنكسرين)، عبد الله بن حساين القباب، محمد بن ناصر” النافذة السابعة: تحول زاوية تامكروت من أنصارية إلى ناصرية: تورد الرواية الشفوية أن انتقال أمر زاوية تامكروت إلى الناصريين ناتج عن زهد احد أحفاد الشيخ سيدي احمد بن إبراهيم الأنصاري المعروف بـ” سيدي عمر” الذي يتوسط ضريحه بلدة تامكروت، لكن بعض المصادر تنزع إلى أن هذا الانتقال تم بعد اغتيال سيدي احمد بن إبراهيم الأنصاري وعودة حمد بناصر الدرعي بشكل نهائي إلى الزاوية سنة 1055م، الذي استطاع وضع حد للإضرابات التي عرفتها المنطقة بعد اغتيال سيدي احمد بن إبراهيم الأنصاري فاستقر له أمر الجمع بين مشيختي العلم والتصوف بالزاوية. إن تقوية الدور الإشعاعي لزاوية تامكروت تم بفضل الإجراءات التي قام بها سيدي احمد بن برا هيم الأنصاري الذي تولى أمر الزاوية بين 1045 و 1052 هـ، خاصة ما يتعلق بناء مسجد الزاوية، الذي اخذ يستقبل طلاب العلم الذين يستفيدون من النفقة مجانا بفضل عائدات الأملاك العقارية التي حبسها (من الحبوس) الشيخ سيدي احمد بن إبراهيم الأنصاري لصالح الزاوية. هذه المعطيات تدل على أن ترسيخ الركائز الأساسية التي قامت عليها زاوية تامكروت تم بفضل الشيخ سيدي احمد بن إبراهيم الأنصاري. أما ترسيخ مكانة التحصيل العلمي لدى الطلاب فتم بفضل الشيخ محمد بناصر الدرعي، فماهو الشيخ سيدي محمد بناصر؟ مجيء الفقيه محمد بناصر إلى تامكروت تم بفضل انتهاء مفاوضاته مع الشيخ سيدي عبد الله بن احساين إلى قبوله المشارطة بمسجد زاوية تامكروت. ولد هذا الفقيه بزاوية ” أغلان” بواحة ” ترناتة” التي توجد شمال واحة “فزواطة” – التي تنتمي إليها زاوية تامكروت – منذ 1011هـ، تلقى تعليمه الأولي على يد والده ثم انتقل إلى مسجد قصر “تسركات” على الضفة الغربية لوادي درعة بنفس الواحة، وتلقى العلم على يد شيخ الجماعة في وته سيدي علي بن يوسف التمازيري ، فلازم مجالسه العلمية حتى تخرج عليها فقيها مبرزا وعالما مشاركا في علوم العربية والكلام والتفسير والحديث والتصوف. . انتقل الفقيه بناصر بعد تخرجه إلى وادي دادس شرق مدينة ورزازو فشارط بقصر “الجرفة” إلا انه ما لبث أن عاد إلى مسقط رأسه فترتب إماما بالمسجد الأعظم لقصر ” أغلان” وتصدر لتدريس العلم بزاوية أبيه فلاحت عليه مخايل الإمامة في العلم. واجه الشيخ بناصر صعوبات نفسية في بداية تولية المشيخة بالزاوية بفعل سببين : الأول: الصعوبة النفسية التي تعرض لها بعد اغتيال محمد بن إبراهيم الأنصاري. الثاني: صعوبة اتخاذه لقرار تلقين الأوراد الناصرية حيث لم يأمره الشيخ أحمد بن إبراهيم صراحة بذلك. في هذه الظروف تلقى الفقيه بناصر شهادات شفوية من طرف أهل “الكتاوة” تفيد إن الشيخ احمد بن إبراهيم أخبرهم قبل اغتياله ابنه (أي محمد بناصر) خليفته ، إلا انه لم يدعن لذلك وفضل مغادرة الزاوية رفقة عيال الشيخ احمد بن إبراهيم باعتباره الوصي الشرعي عليهم، وبعد مضي ثلاث سنوات وبعد أن هدأت الأوضاع عاد إلى زاوية تامكروت ليبدأ عهدا جديدا وتأخذ الزاوية ابعادا أرحب إلى درجة إن زاوية تامكروت أصبحت تنسب إليه وتعرف باسم الزاوية “الناصري”. خاتمة عامة: شكلت زاوية تامكروت الناصرية إحدى أهم الزوايا بالمغرب خلال القرنين الميلاديين 17 و18، وذلك بفعل المساحة الجغرافية الشاسعة التي امتدت عليها، وبفعل عدد المريدين الذين انضوا تحت لوائها، وقد ساعدها على ذلك مكانة شيوخها العلمية وشهرتهم الدينية. فقد ساهم هؤلاء في اغناء الخزانة المغربية؛ شراء واستنساخا وتأ ليفا… فشكلت زاويتهم مركزا ثقافيا مهما في فترة شهدت فيها الحياة الثقافية والفكرية ركودا واضحا. أما من الناحية الدينية فكانت الزاوية الناصرية مركزا للتربية الروحية ملأ فراغا كبيرا في زمن سادت فيه الشعوذة ولاحتيال بادعاء الصلاح. ومن الناحية الاجتماعية لعبت دورا كبيرا في فض النزاعات سواء بين الأفراد أو بين القبائل أو حتى بين أبناء الملوك. أما سياسيا فكانت علاقة شيوخ الزاوية الناصرية مع المخزن في أول الأمر يشوبها نوع من الحذر والحياد فالتقارب والتفاهم لتنتهي في الأخير مع الشيوخ الآخرين إلى الاستسلام. هذه إذن، وباختصار شديد أهم الادوا ر التي قامت بها الزاوية الناصرية بتمكروت، ولا ندعي أننا سلطنا عليها الضوء بما يكفي ، ولكن حسبنا أن نضع تصورا عاما لبحوث مستقبلية في هذا الموضوع، فهذا العمل في حدذاته مشروع بحث وليس بحثا بالمعنى الأكاديمي للمفهوم. عبد الحق