هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، يشرفنا أن تقوم بالتسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب
:˚ஐ˚◦{ <السلام عليكم , عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة منتَدَاكمً يُرَحبُ بكـُمً .. إنً كنتَ تَرغَب في الإنظمَامً إلى أسًرَة المنتَدَى سَنتَشَرَفُ بتَسًجيلَكَ ..تحيَآت إدَارَة منتَدَى اعدادية زاوية البئر:) ♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ آخر عُضو مُسجل هو حسناء فمرحباً به.
♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ <ستجدون هنا دروس الاجتماعيات و بعض المواد الاخرى ) ♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ يمكن للزائر الكريم تسجيل مساهمته في المنتدى ♥}◦˚ஐ˚
:˚ஐ˚◦{ يهنئء السيد مدير المؤسسة تلاميد المؤسسة باحياء هدا المنتدى من جديد ♥}◦˚ஐ˚
موضوع: قصص مؤلمة لستة أشهر من المعاناة بلسان العائدين من جحيم… الثلاثاء 31 يوليو 2012 - 11:09
العائدون ينقضون على مدخرات معاشاتهم لمواجهة مصاريف بيوتهم اليوم تنصرم مهلة عشرة أيام التي وعد بها عبد المولى لتفكيك قنبلة «كومناف» اليوم تنتهي مهلة عشرة أيام التي طلبها عبد العالي عبد المولى في رسالته للمستخدمين لإبلاغهم بأخبار سارة، وقبل أربعة أيام كان قد صرح بأن قنبلة«كومناف كوماريت» في طريقها للتفكيك، لكن الأخبار الواردة من طنجة ومن البيضاء أول أمس، تنذر بالأسوأ، وحياة البحارة الذين قضوا محنة بميناء «سيت» الفرنسي، تزداد تحت ضغط انفجار ملف الإبراهيمي ومن معه. هي معاناة متعددة دفعت بالعديد منهم للانقضاض على معاشه لمواجهة أزمات حلزونية. شريط المعاناة طيلة ستة أشهر، ومستجدات قضيتهم ، وتاريخها ومنعرجاتها في التحقيق التالي. «بعون الله سنتمكن من تفكيك القنبلة» هو ذا الأمل الذي يعيش عليه بحارة «كومناف فيري وكوماريت»، وهو الأمل الذي جاء في آخر تصريح لعبد العالي عبد المولى مالك الشركتين، حيث اعتبر أن الحل الذي تتجه إليه الشركة يتمثل في مفاوضات مع شركاء أجانب وخصوصا الإيطاليين، لمحو ديون الشركة لدى الممونين والتي تصل إلى 400مليون درهم، كما يتوقف هذا الأمل عل الظروف التي سيتم توفيرها لإقناع الأبناك بمواكبة إعادة الشركة للاشتغال، وخصوصا إعادة جدولة الديون لدى الأبناك والتي تصل إلى 1,2 مليار درهم. البحارة الذين توصلوا مؤخرا برسالة تخبر المستخدمين بقرب حل مشاكل الشركتين، ينتظرون وهم في معمعة ملف دوخهم، بعد اعتقال نقابيين في ملف ما بات يعرف بـ«الإبراهيمي ومن معه»، يعيشون نوعا من الضياع في غياب المعطيات المرتبطة بوضعيتهم، وتناسل شائعات متضاربة عن قرب اتخاذ قرار يتعلق بالإفلاس. يعيشون هذه المعطيات بعد أن عاد معظمهم، وهم في حالة إفلاس شخصية، فالعديد من المستخدمين الذين لم يتوصلوا بأجورهم منذ ما يزيد عن ستة أشهر، وتركوا عائلاتهم تواجه مصاريف لا قدرة لها عليها، منهم من استعان بالعائلة، ومنهم من بقيت زوجاتهن يكافحن اضطروا إلى اتخاذ قرارات مصيرية لمواجهة أوضاعهم. فبعد العودة التي انتهت بحصولهم على حوالي 5 آلاف درهم، لم تكف بعضهم في تسديد ديون تراكمت طيلة شهور، لجأ عدد منهم لمواجهة حالة الإفلاس الشخصية، بالتوجه إلى صناديق التقاعد التكميلي، لاستخراج ما ادخره فيها لبقية العمر، لمواجهة وضعية وصفها البعض، بالقاتلة. «مالقيناش باش نوكلو الدراري» هي العبارة المختزلة لهذا الوضع، وبين الانغماس في مشاكل العائلة وتتبع مجريات التحقيق في ملف الإبراهيمي ومن معه، يكون البحارة قد نسوا معاناتهم الطويلة بميناء «سيت»، وهمهم الأول هو معرفة المآل الذي سيعرفه ملفهم، بعد وضعهم لشكاية بباريس، وحين يدفعون للتذكر ينطلق شريط الذكريات مخضبا بالمعاناة، منها ما قبلوا بنشره، ومنها ما بقي مختزنا بالذاكرة صونا لحساسية الآخرين. لنتابع كيف بدأت الحكاية احتجاز بواخر كومناف فيري وكوماريت الثلاث، بني انصار، مراكش وبلادي تحول طيلة ستة أشهر إلى حدث مؤلم، تناقلت مختلف وسائل الإعلام الوطنية الخبر وعرف جزء من المغاربة أن هناك مواطنين مغاربة عالقون في ميناء فرنسي، لكن البحارة الذين جاؤوا في رحلة العودة الجمعة ما قبل الماضية، كانوا يلهجون بكثير من العتاب على عدم نقل ما وصفوه بالسجن الذي عاشوه طيلة هذه المدة. «العالم كله عرف بمأساتنا، وكان الفضل في ذلك يرجع للفاكسات التي بعثت بها لنقابة ITF التي واكبت محنتنا»، هو ذا الاعتقاد الراسخ لدى البحارة، بالرغم من المعطيات التي تعطى لهم عن مواكبة بعض وسائل الإعلام المغربية لمحنتهم، لكن هم في كل ذلك معذورون، لحجم القرب الذي عاشوه في محنة سفون جزء منها يعد بأنه امتحان لقيمة المغربي. الحكاية بدأت عند تداول خبر احتجاجات عرفها ميناء «سيت»، وكان التركيز حينها، حول المسافرين الذين اضطروا للنزول من على ظهر باخرة بني انصار، في ليلة السادس من دجنبر من هذه السنة، وطغى خبر احتجاج المسافرين على وضعية كانت مرشحة للتفاقم، تهم البحارة الذين كانوا على متن باخرة بني انصار، لا أحد كان يتوقع أن الحجز على الباخرة بسبب تراكم ديونها، سينسحب على العاملين بها، ويتحولون إلى محتجزين. لم تكن الصورة واضحة في البداية، لأن تفصيلا قانونيا كان يتعلق بعدم إمكانية مغادرة الطاقم للباخرة، لأن ذلك سيعتبر من قبل مالكي الباخرة نوعا من مغادرة مقر العمل الذي يترتب عنه قرار الفصل من العمل، وهو ما كان البحارة يدركونه جيدا، لهذا كان كل الأمل مرتبطا بالأخبار المتواترة عن المجهودات التي يبذلها مالكو الباخرة لتحريرها من الحجز، كمالم يكن يخطر ببال البحارة أن يتم التخلي عن رمز من رموز النقل البحري بهذه السهولة. وبالرغم من علم البحارة بالوضعية غير السوية التي ظلوا يعيشونها قبل لحظة الحجز، فلم يكن توقعهم يذهب إلى حدود تصور المأساة التي ستحدث بعد ذلك. «صحيح أننا عشنا عددا من الاحتجاجات المتتالية على وضعيتنا لكن تصور بقائنا داخل البواخر في ظروف مهينة، لم تخطر لنا على البال » يقول أحد العائدين من جحيم ميناء «سيت». وطيلة المرحلة التي تلت احتجاز باخرة بني انصار، كانت الأوضاع داخل الشركة تنذر بالشؤم، فحالة البحارة الآخرين العاملين على ظهر بواخر الشركة، لم تكن على أحسن حال، وسيتأكد ذلك بعد مرور شهر واحد، حيث سيتم الحجز على الباخرة الثانية مراكش بنفس الميناء يوم سادس يناير، بل وسيتحول الأمر إلى كابوس، حين ستضاف الباخرة الثالثة بلادي إلى دائرة الحجز بعد يوم واحد، وسيتحول البحارة الاثنان والأربعون إلى حوالي 200 بحار. «إذا عمت هانت» كان سيكون شعار البحارة في باخرة بني انصار، الذين ذاقوا توابع الحجز شهرا قبل بحارة باخرتي مراكش وبلادي، لكن الأمر لم يكن على هذا الحال، يقول بحار عائد «أحسسنا بنوع من الذهول بعد الحجز على الباخرتين، لأن ما كنا نعتبره كأمل في رفع الحجز، تحول إلى صدمة، وحينها عرفنا أن قاع البئر يزداد عمقا». الأرقام التي ستخرج للعلن حول ديون شركتي كومناف فيري وكوماريت لفائدة الدائنين، ستزيد من قناعة البحارة، بأنهم سقطوا رهائن لوضع صعب. عشرون مليون أورو، كان رقما كافيا لفهم ما سينتظر البحارة من سواد الأيام، وكان العديد منهم منشغلا بهواجس وضعية عوائلهم بالمغرب، عدد من البحارة كان يعرف أن عدم رجوعه إلى البيت خلق مأساة وما ينتظره يمكن أن يكون أسوأ. أولى الخطوات التي رافقت محنة البحارة بعد الحجز التحفظي من قبل السلطات الفرنسية لثلاث بواخر تابعة لشركة «كوماريت»، تحرك من داخل فرنسا نفسها بعدما جنحت قضية العمال والبحارة الذين كانوا في وضعية «احتجاز» إلى التأزم وأخذها حيزا أمام الرأي العام الفرنسي الذي تبنت جمعيات ونقابات عديدة منه ملفهم، وهكذا سيقدم الاتحاد الوطني للمبادرة النقابية الحرة، وهو اتحاد نقابي مغربي ينشط في أوروبا، شكاية لدى محاكم فرنسا في كل من مدينة باريس ومارسيليا وسيت بداية شهر فبراير وذلك بناء على تقرير أنجزه مفتشو الشغل الفرنسيون الذين زاروا البواخر قبل ذلك، وأعدوا تقريرا مفصلا عن وضعية العمال والبحارة المغاربة خلص إلى وجود شروط غير إنسانية في عيش البحارة على ظهر البواخر، ومسؤولو الاتحاد النقابي شرعوا في إجراء اتصالات مكثفة مع عدد من النقابات الفرنسية من أجل أن تقدم مساندتها للعمال المغاربة المحتجزين. قبل حلول الكارثة الكارثة التي يجمع البحارة في البواخر الثلاث، أنهم عاشوها، لم تأت من فراغ بل كانت مقدمات التوتر الذي عاشته الشركة ينبئ بحدوث المتخوف منه، وهكذا وفي شهر مارس من سنة 2009 نظم ضباط سفن الملاحة التجارية، وقفة احتجاجية أمام كل من مقر شركة «كوماناف» وإدارة الملاحة التجارية بالدار البيضاء. وكانت هذه الوقفة ضمن سلسلة من الاحتجاجات، حيث كان ضباط بواخر الملاحة التجارية يخوضون إضرابا مفتوحا منذ عشرة أيام على ظهر كل بواخر الشركة، سواء بالسفن التي تم تفويتها في غياب أي تشاور مع العاملين بالشركة، أو تلك التي ما زالت في طور التفويت. وجاء تنظيم هذا الإضراب المفتوح، حسب مصدر من الضباط البحارة، ردا «على الوضعية الغامضة للعاملين بالشركة، بعد تفويت العديد من البواخر المغربية إلى شركات أخرى تحمل أعلاما أجنبية ترفض تشغيل المغاربة». في شهر يوليوز من نفس السنة تم توقيف 150 بحارا فندقيا كانوا يعملون بشركة كوماناف فيري، شركة الملاحة البحرية الوطنية، التي اقتنتها شركة فرنسية هي CMACGM، وتكلفت كوماريت بالتسيير. وأكد البحارة الذين تم توقيفهم أن قرار التوقيف لا يستند على أي أسباب، و«بدون سابق إنذار»، حيث إنهم كانوا في فترة استراحة مدتها شهر واحد، وهي تعقب كل ثلاثة أشهر من العمل، واعتاد البحارة الفندقيون عليها لأنها تدخل ضمن التسيير العملي الداخلي الذي يعتمد في الملاحة البحرية بشكل عام. وأكد البحارة الفندقيون الذين دخلوا في رحلات مكوكية بين الدار البيضاء و طنجة في بحث مستميت عن استعادة مناصبهم، غير أنهم كانوا يصرحون بأنهم يقابلون باللامبالاة من طرف المسؤولين المباشرين عن التسيير، بل يتلقون أجوبة وصفوها بـ«الجارحة جدا». في شهر ماي من سنة 2010 عاش المسافرون في ميناء بني انصار بالناظور، ليلة وُصفت بـ«العصيبة والمتشنجة» إثر الإضراب الإنذاري الذي خاضه ضباط وبحارة شركة «كوماناف فيري» التابعة لشركة «كوماريت» احتجاجا على الأوضاع المزرية التي يعيشونها على متن بواخر الشركة، والمتمثلة في سوء التغذية وانعدام وسائل الإسعاف والأدوية والنظافة، وما أسموه بـ«سياسة القمع والتهديد التي تنهجها ضدهم إدارة الشركة». وكان الكاتب العام لنقابة ضباط وبحارة «كوماناف فيري»، التابعة لشركة «كوماريت»، قد قال إن مسؤولي الشركة رفضوا طلب الحوار الذي تقدم به المضربون دون أن يأخذوا بعين الاعتبار الأوضاع اللاإنسانية التي عاشها مسافرو الرحلة، التي كان مقررا انطلاقها على الساعة السادسة مساء، وبعد تدخل عامل الناظور لإيقاف هذا الإضراب لدى رئيس شركة «كوماريت»، الذي أعطى وعدا بمحاورة المتضررين. وكان ميناء طنجة المتوسط عرف بدوره إضرابا خاضه ضباط وبحارة باخرة المنصور، الذين رفضوا على غرار زملائهم على متن باخرة ميسترال بالناظور، النزول من على ظهر باخرة المنصور، في إطار تنفيذ الحكم الاستعجالي الذي استصدرته شركة «كوماناف فيري» في الدقائق الأخيرة لعمل المحكمة، وبدا حينها أن التوتر وصل مداه، وأن النزاعات المتكررة تقود الشركة إلى الباب المسدود. هكذا سيتضح أن «كومناف» التي كانت من كبريات المقاولات المغربية، وكان دفتر التحملات المنظم لصفقة الخوصصة ينص على مجموعة من التوجهات التي تضع ازدهار الشركة وتقوية دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية فوق كل اعتبار، أما الآن فإن كل المعطيات تؤكد بأن «كومناف» أو ما تبقى منها، تحول إلى فرعية مهتمة بالأنشطة المينائية وبالملفات التي يمكن أن تكون موضوع نزاعات قضائية. في كل مراحل هذا النزاع كانت الشركة إما عبارة عن تصريحات وبلاغات، تتحدث على ضرورة توقيف الاحتجاجات، لإعطاء الفرصة للبواخر بالاشتغال، وعدم الزج بالشركة في أتون المجهول، وفي كل مرة ينتهي الوضع، بصورتين متناقضتين، عمال يصرخون لتسوية أوضاعهم، ونقابيون يتحدثون عن غياب الحوار، والشركة التي تتحدث عن نزوع مبالغ فيه للإضرابات التي تضر بمصالح الشركة. كان هناك حوار للطرفين، انتهى بالحجز المتتالي على مجموعة من البواخر، وتوقف أجور العمال فيما يمكن تسميته بالسكتة الدماغية. مآس متعددة عن بعد «ثمانون دولة تعرف بمأساتنا والمسؤولون المغاربة في دار غفلون» يقول أحد البحارة الذين يحملون غصة الستة أشهر بين ضلوعهم. ويتذكر كيف كان وزير النقل والتجهيز الذي زار مؤخرا المعتصمين، قبل مرحلة العودة، جاهلا بوضعيتهم، بل اعتبر المصدر أن إصرار السفارة بفرنسا على انتقاء الذين كانوا سيحضرون اللقاء إصرار ممنهج لعدم تعرية الواقع الذي كانوا يعيشونه، واعتبر المصدر أن عدم زيارة وزير القطاع للبواخر دليل على عدم الرغبة في معاينة فضيحة حقيقية سبق للفرنسيين أن طلبوا المغرب بنقلها من على أراضيهم. وهي حقيقة أكدتها رسالة لفرنسوا ليبرتي المسؤول في سياسة حماية الأسرة والطفولة بمنطقة «سيت» الفرنسية التي ضاقت ذرعا بالأوضاع المخجلة التي يعيشها البحارة المغاربة بثلاث سفن تابعة لشركتي كوماريت وكومناف فيري، والتي تم الحجز عليها من قبل السلطات الفرنسية منذ مدة. مختلف الشهادات للبحارة العائدين تجمع على رسم صورة حزينة لما جرى بميناء سيت الفرنسي، وتبدأ الحكايات بالوضع الذي عاشه البحارة منذ الحجز الذي طال باخرة بني انصار، وبعدها لباخرتي مراكش وبلادي، والمعاناة التي عاشها البحارة انطلقت من الأخبار التي توصلت بها العائلات، فالعديد منها كان يعتبر الأزمة عابرة، وينتظر عودة الزوج والأب بعد انفراجها. العديد من الشهادات كشفت عن معاناتها التي انطلقت مع اصطدام الأسر بأول يوم من غياب معيل الأسرة، وهي معاناة أحجم أصحابها عن كشف هويتهم، بل منهم من اعتبر الحديث عن هذه المعاناة نوعا من المس بكرامة الأسرة، ففي حالات وجدت الأسرة صعوبة في توفير القوت اليومي للأطفال، لأن الأزمة كانت سابقة على مرحلة ميناء سيت، لأن عددا كبيرا من البحارة لم يكن يتوصل بالأجرة الشهرية، والأقساط التي كانت تتعلق بشقق أو استهلاك كانت في انتظارهم كل شهر. طوقت هذه الأزمة البحارة وأسرهم، وكانت المكالمات الهاتفية غالبا ما تنتهي بخصام أو توتر عاصف، وتزداد محنة البحار الذي يعاني من ظروف العيش داخل البواخر لهواجس الأسر، وفي كثير من الحالات كان البحارة يصابون بحالات اكتئاب، ينزوي البعض منهم في غرفته ليستعرض شريط الأسرة ومعاناتها. «ما كانش النعاس كيجيني نهائيا فبعض الليالي» يقول بحار، وجد نفسه في مواجهة أزمة أسرته التي لا تتوفر على معيل آخر، ولم يكن بمقدور الزوجة توفير متطلبات الأبناء، وحتى الترقيعات التي يتم الاجتهاد فيها، لا تكفي لمواجهة متطلبات تتكرر كل يوم، هذه الصورة تنضاف إلى قتامة الوضع الذي كان يتدهور يوما عن يوم. الغصة التي تعلق في نفوس البحارة من التيه الذي كانوا يعانون منه، تجعل كلامهم عن هذه المعاناة يقطع أنفاسهم، فالبواخر التي كانوا يشتغلون على ظهرها، توقفت وتوقف معها نبض الحركة. في البداية كان البحارة يأملون في انفراج قريب، وكان المتوفر من الكازوال يكفي للعيش بشكل لائق، لكن الأمور ستتغير بشكل جذري مع تناقص كميات الكازوال. كان تشغيل محركات البواخر لمنعها من التلف، إضافة إلى تشغيل محركات الكهرباء وعشرة أطنان التي أصبحت قارة في بداية الشهر الأول لم تعد تكفي سوى لخمسة أيام، وبعدها يتحول الوضع إلى جحيم، وكان من نتائج ذلك حصول حوادث متعددة، تحول بعضها إلى شائعات من قبيل محاولة انتحار هشام الغنزري، وهو ما نفاه، وقال إن الأمر كان يتعلق بحادث طارئ في غرفته. خلال الشهور الأولى التي تتزامن مع فصل الشتاء تكون قاسية، فدرجات الحرارة المنخفضة بمنطقة سيت وغياب التدفئة على ظهر البواخر، حولت ليالي البحارة إلى كابوس. «كنا كنتغطاو بخمسة ديال المنطات وتيبقاو سنانا كيتقرقبو» يقول بحار كان على متن باخرة مراكش، فاستوت معاناة الليل مع معاناة النهار. يوميات البحارة تحولت إلى معركة من أجل توفير القوت اليومي، ومعركة لمواجهة آثار الصقيع الذي يميز المنطقة، ومعركة بالليل لمواجهة توتر الأجواء داخل الأسر، هكذا كان البحارة يعيشون يومياتهم، في البداية كانت هناك صعوبة في توفير الأكل والشرب، نظرا لغياب تغطية تمكن المجتمع المدني من الالتفات إلى البحارة، الذين سيتمكنون بعد ذلك من الحصول على دعم الجمعيات والأشخاص الذاتيين. كان موقف البحارة في البداية شهما بالامتناع عن استغلال قضيتهم في الترويج الإعلامي، وكانت رغبتهم تتجه إلى التفات الجهات المغربية، ومنها قنصلية المغرب، لوضعيتهم لتوفير شروط آدمية لإقامتهم، لكن في غياب هذه الالتفاتة، أصبح عدد كبير مضطرا للقبول بكل أشكال الدعم. «احنا كنا عايشين باللي عطا الله» هي ذي الجملة التي تعكس معاناة البحارة طيلة هذه الفترة، فالاقتصاد في كل شيء كان هو العنوان البارز ليوميات البحارة، فالاقتصاد في الأكل تعداه إلى الاقتصاد في الماء، بل وتحول قضاء الحاجة إلى معاناة يومية. حيث اضطر البحارة إلى استعمال الأكياس البلاستيكية لتعويض المرحاض. وحين يتحدث البحارة من موقع تخصصهم في البواخر، يحكي لك الميكانيكي عن شريط من المعاناة مع الوضع الكارثي الذي أصبحت عليه الباخرة، ويسرد تأثيره على البحارة، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مشاكل الإقامة في البواخر، وحين يحكي الطاهي الذي هجر موقعه الذي تحول إلى «خربة» تتنوع القصص، لكنها تصب في رسم معاناة جماعية لفترة الكل يقول إنها لن تمحى من الذاكرة. الوجه الآخر للشهامة بالرغم من المعاناة التي عاشها البحارة طيلة شهور، كانت لازمة تتكرر في تصريحاتهم، «مابغايناش نطيحو ببلادنا»، فالعديد من الجمعيات التي كانوا يستشعرون أنها تريد الاصطياد في الماء العكر، وهو مشخص لدى البحارة في استغلال معاناتهم للمس بصورة المغرب، كانوا يرفضونها بالقطع، لكن يتذكرون جميعا كيف هب مجموعة من النقابيين الفرنسيين والصادقين، لتوفير غطاء إنساني لمحنتهم بعيدا عن أي استغلال. يتذكر البحارة الدور الذي لعبه أعضاء نقابييون، عملوا على إخراج محنة البحارة من قلب البواخر، حيث سبق وأن تم تنظيم مباراة في الريكبي بباريس للتعريف بقضيتهم، وتمكنوا بعدها من دفع مجموعة من وسائل الإعلام للتطرق إلى قضيتهم، كانوا يشعرون أنهم أصبحوا معزولين، بالرغم من التتبع الإعلامي بالمغرب، والذي كانوا يجهلون عنه الشيء الكثير. وسط كل ذلك حرص البحارة على تنظيم صفوفهم، وكانوا حريصين على حماية البحارة النساء منهم والرجال، وكانت صورة البلد دائما حاضرة في أذهانهم، لم تنسهم أنهم كانوا تحت أنظار الخارج، ولذلك ظلوا محافظين على نقاء قضيتهم، ولم يسمحوا بتوظيفها من طرف أي كان. عاد البحارة إلى البلد بعد رحلة حكوا عن تفاصيلها وكيف أن الطريقة التي تم بها تنظيم الرحلة، كانت تعكس نوعا من التوجيه بدءا من خروجهم من ميناء سيت ومرورا بالمطار بفرنسا وإجراءات قال عنها البعض بأنها موجهة، وانتهاء بمطار محمد الخامس الذي اختلط فيه الاحتجاج بالتسرع. هم اليوم بين عائلاتهم، وهو المكسب الأهم، للعديد منهم، لكن عقولهم مشتتة بين مستقبل غامض. العديد منهم لم يعد له نفس لبدئه من جديد، ينتظرون إجراءات الأبناك إزاء شققهم، ويرعبهم غياب تأمينات اجتماعية بعد أن توقف تسديد مستحقاتهم للصناديق الاجتماعية، وبين هذا وذاك يكررون استفهام الأنفة في انتظار الآتي بالقول «ايدير الله خير».
قصص مؤلمة لستة أشهر من المعاناة بلسان العائدين من جحيم…