تقديم:
لتعلم الكتائب الالكترونية لحزب العدالة والتنمية وهي واجبة الوجود، أني لا أخدم بهذا المقال أجندة أحد ؛عدا وطن على شكل قلب كبير؛ يحنو علينا "حنو المرضعات على الفطيم" كما قال الشاعر الأندلسي.
ولأنه بكل هذا الحب الأنثوي الصادق علينا ألا نثق في أحد ,يعرج في مراقي حكمه ,حتى نتأكد فعلا بأنه كفء له.
ولو أفرزته آليات المفاضلة ,والمنازلة الحزبية,لأنهما لم يرقيا بعد-عندنا- ليمكنا من شهادة حسن السيرة المؤسسة على : الأهلية للاختيار ,التجرد من النوازع الشخصية, الإيثار على النفس ,النزاهة الشافية ,الجامعة والمانعة؛ وأخيرا الفناء الصوفي في حب الوطن؛بعد الله عز وجل.
وفروا نقدكم فأنا من خريجي القرويين ؛وقد بلغت فيها أعلى شهادة,وقعها كبار علمائها ؛وما أكلت الخبز الا بها؛ فلا يزايد علي أحد بالدعوة ليهرب الدولة.
الريع الديني لحزب سياسي:
لولا حسابات السياسة السياسوية لما كان في وطن يرفع فيه كل المواطنين المصاحف فوق رؤوسهم ,وعلى أسنة رماحهم ؛يتقدمهم أمير للمؤمنين ,في السلم ,كما في الحرب؛من يناضل من أجل القسمة الضيزى, حتى يفرد بحيز معنوي من هذه الإمارة ؛يحابى فيه باعتباره قبيلا متميزا بحب أكثر للدين.
لو كان مجرد تفاضل في الحب لهانت؛لكنه ريع ديني ,بل منجم روحي ,يستأثر به البعض دون البعض ؛ويتخذه زرابي حمراء يطأها ,منتشيا, في مساره نحو السلطة؛ الأمارة بالسوء الا من رحم.
انه الريع الأم الذي لا يتصور منه الا أن يحابي ,هو أيضا,كل أشكال الريع الأخرى ؛وقد تأكدنا جميعا من هذا في الأسابيع الأولى لأداء الحكومة الحالية.
وما زال فينا رضع السياسة؛ ينتظرون ميزان العدالة لينزع فائض عمرو ,المثخن ريعا, من أجل سواد عين زيد المعدم ,دون إعدام.
" الويسكي يحكم على الروج" ألقى بها سكير ضبط متلبسا ؛في وجه حكم قاض قاس,لكنه سكير بدوره ,بمدينة وجدة,في السبعينيات.
لا يتصور أن يصبح هذا الريع الديني الكبير حية كبرى تسعى ,يلقيها بنكيران – عصا- فتلتهم الحيات الصغرى.
ابحثوا عن شروح أخرى لرفض الحزب الحاكم- بمن معه- للضريبة على الثروة.
و ابحثوا ,أيضا, عن تفسيرات أخرى لارتفاع الأسعار ؛ما دام رئيس الحكومة أشهد عليه الوطن ,وبنيه ,بألا يكون سببا فيه ,وفي شح الأرزاق.
وحاولوا ألا تصدقوا العقل , وما يعقل, حين يلغي رئيس الحكومة قرارا بتوظيف الدكاترة المعطلين ,مباشرة,ولا يلغي قرارات أكثر جورا ,بحجة أنها سارية قبل وصوله.
وغدا حينما تهجر الجامعة ,لكلفتها العالية ابحثوا عن تفسير آخر عدا الغدر العدالي بالمجانية.
لقد كان الريع كالثعلب الذي يظهر ويختفي ,واليوم صار أسدا في آجامها ,وهي لا تجم .
وترقبوا أشكالا أخرى من الريع لأن الأحزاب الأخرى ليست ساذجة لتكد من أجل الإقناع بخطابها – صدقت فيه أم كذبت-
في حين ينفرد حزب العدالة والتنمية ,بالركون ,وبطمأنينة كبيرة, لدعوة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
استغلال أناني لجهد نبي تحمل أمانة عجزت عنها السماوات والأرض والجبال.
استغلال مزدوج: فهو ,من جهة, موصل إلى الحكم بصفر من الجهد ؛ و من جهة أخرى,محصن من الانتقاد لالتباس الأمر على الناس ؛أمر الدعوة والدولة.
كيف تستل شعرة الدعوة من عجين الدولة؟
حينما قيل لحسان بن ثابت ,شاعر الرسول:أو تهجوا قريشا ومحمد منها أجاب: سأسله كما تسل الشعرة من العجين.
ليس كل المواطنين بمقدرات حسان ؛حتى يسلوا بنكيران السياسي من بنكيران المتمترس بدرع الرسول عليه الصلاة والسلام.
من يدفع فاتورة الدعوة؟
وتتشكل عناصرها الأساسية من:
*تقديم رئيس الحكومة لاستقالة تامة ,وعلنية, من استراتيجيات تنزيل الدستور ؛ولا يمكن أن يعتبر هذا التصرف- أو اللاتصرف- الا ريعا دستوريا آخر يضاف الى الريع الروحي.
ألم أقل لكم بأنه جنة الريع؟
اذ بعد أن خاض الحملة ,لفائدة الدستور الجديد,أو المعدل,؛ثم ضرب بسهامه في البرلمانيات ؛حتى كاد أن يكون له ما في الجراب ولغيره نفاضته.
بعد كل هذا انقلب على الدستور ليجعل من التنزيل اختصاصا ملكيا صرفا؛دون سند من هذا الظهير الوطني.
*الانفراد باتخاذ قرار الإبقاء على وزارات السيادة ؛والرجل لا ينفرد الا بما يترك فيه جلده ؛ظاهريا على الأقل. ثم إثقال كاهل الملكية ؛وهي متعطشة للمفهوم الجديد للسلطة ,باختيار وزراء لهذه الوزارات ؛حتى لا يتحمل رئيس الحكومة أي وزر ؛كيفما كانت النتائج. هذا دهاء أم غباء؟
*ثم التوقير ,شبه التام ,للائحة الولاة والعمال الجدد ,وستتلوها لوائح باقي وظائف الدولة السامية.
لا يستغرب في من تنازل عن الأصول – دون طلب معلن من اية جهة- أن يتنازل عن الفروع.
وخلاصة القول انه يريدها- أي السلطة- "ساهلة ماهلة"؛ لا يفسد فيها للود قضية .
ما أحياه خطاب التاسع من مارس من آمال في النفوس ؛ وما حمدناه سلوكا ملكيا شجاعا – ضدا حتى على المخزن- ؛أشبع رغبات لم تجرؤ على التعبير عنها حتى ديناصورات الأحزاب العتيدة .
كل هذا الزخم الربيعي ,وما أزهر, اقتضى نظر صاحب الدعوة العدالية أن يتعامل معه كترف فكري من ملك شاب ؛ وكحراك شباب غفل ,هزله أكثر من جده ؛وعالمه الافتراضي أكبر من خريطة الوطن وما حوت.
لكل هذا " الدلع" ثمن يدفعه المواطنون ,طبعا؛ وحتى أولائك الذين لم يميزوا بين الدولة والدعوة يوم التصويت؛اذ توهموا أنهم جند للثانية ,دون أن ينتبهوا إلى أن كتائب اليسار العدالي ؛كما يعبر الأستاذ زاوش,تريد بها الدولة.
الدولة ,كيفما استوت بين أ يديهم ,ولا حاجة حتى إلى ثورية الملك الشاب.
التنمية المعاقة عداليا:
ستسيل مياه كثيرة تحت الجسر؛وسترتفع دعوات كثيرة بالصلاح ," في بيوت أذن الله أن ترفع" ؛وستواصل فيالق العدالة والتنمية " تشبيح" جميع التحليلات الموضوعية, بالقاموس المألوف لتكتشف ,في النهاية, أنها لم تكن تخدم – عن حسن نية- غير دولة ,يريدها" يساريوها" دولة استبداد ملتهمة للمواطن ؛اذ كيف يتعفف من التهم الدعوة عن مجرد تعطيل التنمية ,أو حتى إيقافها؟
لقد انبثق الخطاب ألتدبيري ,العدالي, مناضلا ريعيا أولا ؛مجاراة لشارع هادر ؛ولم يعد في البلاد من لا يقول باسقاط الفساد؛حتى بدا وكأنه من عمل السحر والجن.
ثم تحركت اللوبيات حينما تيقنت أن الحزب الحاكم نسي أنه صاحب الريع الكبير ؛الريع المسكوت عنه .
وما دام توجيه البوصلة إلى وجهة أخرى ضروري؛فقد رفع بعض الوزراء ,فوق رؤوسهم ,وبكيفية شخصية,ما سمي بدفاتر التحملات الخاصة بالقطبين الإعلاميين . وتم التركيز على ما يبقي جذوة الدعوة مشتعلة:
مسألة الغلاف الزمني للغة الفرنسية,الإشهار للقمار ؛وكل ما يغري عشاق الرذيلة من السياح.
هكذا احتل الركح ,وسماءه,نقاش غريب يشتغل على غارات الوزير الخلفي وصولات غزالة الخارجية ؛نمرة القناة الثانية ؛وتتبع جمهور نسي الإعلام العمومي, منذ زمن, نقاشا حول قناتين أغرقهما تسونامي الفضائيات حتى غدتا بحاجة الى النجدة وليس قص الأجنحة لخدمة الدعوة العدالية.
انتهى كل هذا النقاش بتدخل ملكي ؛ بنقطة وأمر بالرجوع الى السطر ؛الى العمل التنموي الذي ينتظره المواطنون.
لكن ما العمل ؟ نحن دعويون متمرسون ؛ولم نجلس بعد لنبلور مشروعا تنمويا.
بل الأفضل لكم ألا نشتغل بالتنمية أصلا؛ ما دمتم لا ترضون لا بالزيادة في أثمان المحروقات و لا بالتنازل عن سياراتكم ,وتعويضاتكم ؛وتصرون – ضدا على رئيسنا- أنها زيادات تتولد عنها ارتدادات يشعر بها حتى موسى وصالح وطبقال وأوكايمدن.
ان قطار تنميتنا يسير عرضا ؛وويل لمن جاور سكته.
ثم صحونا على نقاش الحريات الفردية ؛وأفخاذ وما كبست ,وأرداف وما عجنت ؛حتى كادت قبائل أنكاد تغير على قبائل الشاوية ؛لولا تدخل العدالة واعتذار فتى الأحداث .
وسنظل ننتظر التنمية ؛ "غودو" حزب العدالة والتنمية.
وجاء الدعم للحزب من إسرائيل:
شهادة مشروعية دولية ؛وحجة على براغماتية كل أصحاب الدعوة ؛حينما يرتقون الى تدبير الحكم داخليا ؛واللعب مع الكبار خارجيا.
لكن لا بد من حمام بارد للقواعد التي لا تفرق بين الدولة والدعوة.
انه خطأ عبد الرحمن بن خلدون ؛وليس خلدون فقط. قولوها هكذا.
وهو خطأ وقع بفرنسا بعيدا عن الرئيس ,وبهاء باها.
وقد جئنا به ,وهو فعلا أصفر فاقع لونه ؛لكن في ركابه أبو مشعل ؛ألا تلمحون المغزى؟ألا تقرون بالدهاء؟
لا مصلحة لمستشار رابين في خطاب المؤتمر ,ولا شخوصه ولا كواليسه ؛ ولا فائدة – عدا الدعائية-يجنيها الحزب من ضيف مزعج.
لكن يبقى على القواعد أن تتساءل:لم فعلوها, وكانوا السباقين إليها-حزبيا- في المغرب؟
إنكم لن تستطيعوا معهم صبرا ؛ووطنوا أنفسكم لتروا منهم العجب العجاب .
الا تنمية البلد فلن يقربوها ؛كما تصورتم.
Ramdane3@gmail.com